وريقاتي

Powered By Blogger

3 أبريل 2015

رؤيا


(١)
حالة من السُّكْر، اقتراب من الحقيقة، ليس بينه وبينها سوى مقدار من النشوة، مزيدٍ من الجرعة. الحواس معابر للروح، نوافذ المعنى، مشربيات الحقائق. "مشربيات"، نعم، هو الوصف الأدق؛ أليست تُخفي قدْرًا من المعرفة، بما يكفي لدهشةٍ أخرى!
النافذة الأنف، تعبّ بياضًا متراقصًا، يتراقص الأنف متابعًا سير البياض، لمزيد من شبق المعرفة، ومزيدٍ من نشوة طفل يتعرف على الكون. النافذة المزدوجة هذه، تستحيل راقصًا شرقيا، غير مفهوم الحركات، ولا معقول الليونات، هُو أقرب للحيوان على كل حال.
أليس الرقص، حاله حال كل الفنون، محاولة بائسة من الإنسان ليتقرّب من أمه الطبيعة!
أليس هو يقلد حركات السنابل، والزهور، والرياح، والنمور، والزلازل!
بائس أيها الإنسان. بعد عقوقك لأمك، بعد افتتانك بنفسك، بعد إعجابك بالمعنى، بالذهن، بالوهم.. تقدّم القرابين بدم عدميّ.

(٢)
جمرٌ جديدٌ، اكتواء بالمعنى من جديد.
"اللعنة عليك يا بروميثيوس، لماذا سرقتَ النار!"
مزيدٌ من النشوة، غرق في البياض الهوائي، المطلّ من المشربية. بياضٌ أكثر من اللازم!
"الإشراق شرفٌ لا يليق بالجبناء، بالأرواح الثقيلة!"
اجتراح. انقداح. بياضٌ حدّ العمى. عمى حدّ التجاهل. تجاهل حدّ الإغفال عن معنًى؛ لتتسنّى الدهشة من جديد.

(٣)
غشاءٌ رقيقٌ، يفصل ما بينه وبين المعنى. غشاء المابين هذا، يشفّ عن امرأة هناك. هناك في الفقد، حيث رهان القلب. شرقية. جدا.
مشربية العين، نافذة المعنى هذه، تكتنزّ كل معاني الشرق؛ بخور، كحل، سواد في بياض، برقع، نجوم متفجرة باستمرار في العيون.
"اخلع نعليك.. دونك الفردوس"

(٤)
ينطفئ الحلم، بانطفاء الجمر.
وتستعر معاناة فهم المعنى. ذلك المعنى الذي خنستْ به امرأةٌ قبل أن تغيب مع المعنى.