وريقاتي

Powered By Blogger

5 سبتمبر 2015

مُثقف مُفرِط في إنسانيته!

تهالكت الحناجر بالضجيج المنبعث منها بسبب الحالة اليمنية، فأظهرت عوارَ أشباه المثقفين، وكشفت كم هي كبيرة طبول بعضهم الآخر.
أمام الحالة اليمنية هناك موالون للتحالف الخليجي، وهناك معارضون له. فالموالون ينظرون للأمر نظرةً ميتافيزيقية-أخلاقية؛ متمثلةً في نُصرة الأخ العربي، ذي العِرق المشترك معنا، وصاحب المُبارَكة النبوية بـ"الحكمة يمانية" [حديث نبوي]، وأن الواجب الأخلاقي يُحتّم الوقوف إلى جانب هذا الأخ الذي يتعرض لعدوان داخلي مموَّل من خارجه.
وأما المعارضون فينظرون في ذلك تدخلًا صارخًا في الداخل اليمني، وأنّ لدول التحالف مصالح شخصية بحتة؛ متمثلة في الموقف من إيران التي تراها دولُ التحالف -بحسب النظرة المعارضة- ثاني أكبر خطر بعد إسرائيل. بينما يرى المعارضون أنّ إيران ليست بالضرورة خلف الأوضاع اليمنية، فهناك احتمالات تراكم التهميش والفقر الذَيْن عانت منهما فئة "الحوثيين".

الحقُّ أنّ كلا النظرتين تحملان فكرة ميتافيزيقية مثالية، وإنْ بدت الثانية ليست كذلك؛ فأفكار الموالين حالِمةٌ بوَحدة شعورية عربية ليست موجودةً سوى في عالمٍ يوتوبيٍّ شبه إلهي. وأما أفكار المعارضين فهي لا تختلف عن الأولى في أنها تدعو لمثاليةِ أنْ يحل اليمن مشاكله بنفسه لأنه قادر على ذلك، بغضّ النظر عن الموضوعية التوسعية لإيران. بينما المعطيات الواقعية تدل على أنّ الحكومة المنتخبة، برئاسة منصور، قد طلبت العون من دول التحالف من أجل مساعدتها في رد "مُخرّبين يعيثون في اليمن فسادًا"، وبالتالي ليس التحالف اعتداءً على اليمن، لكنه استجابة لطلب شرعيّ.

يبقى السؤال المطروح الآن: كيف ساغ لهذا المثقف أن يتكشّف له أنّ التحالف ليس سوى نزوة مراهق سياسي أُعطِيَ قرارًا بيده؟!

يعاني المثقفون من مرض الإفراط في الإنسانية؛ فتراهم لا يقيسون شيئا من أشياء هذا الوجود إلا بمقياس الحب والسلام والخير والعدل. وهي مفاهيم سليمة بلا شك، لكنها ميتافيزيقا العصر.