وريقاتي

Powered By Blogger

23 أبريل 2016

إنه يفتح الباب كاملا!

كانت لا تزال ترين عليه سكنة الصلاة، وتلك النظرة الخاملة التي تخالها ترى من خلل الحجب، عندما مر الرجل وألقى السلام نافثا معه زفيرا أعمق من منارة مقلوبة.

ابن مَن هذا الصبي؟ لست متأكدا، أراه بين فينة وأخرى هنا. انظر إليه كيف يمشي وكأنه لا يرى أحدا، يعبّ الهواء ملء رئتيه ورِئات أبيه وأمه. على الرغم من استقامة ظهره، لكن بصره خاشع. أي خشوع وأي بطيخ! هذا يريد أن يقول انظروا إليّ، أنا متنازل عن كبريائي الذي هو حق أصيل لي. سيبك منه، سأسأل الإمام عن أبيه، لعله يعرفه، إلا قل لي ما أخبار ابنك سهيل؟ انظر انظر، هذا ما كان ينقصه أيضا! ماذا هناك؟ لقد فتح الباب. طيب، يريد الخروج. لا، لا، أنت لم تره كيف يفتح الباب. وهل فتحه برجله لا سمح الله؟ لحسن الحظ أنه قصير ورجله لا تصل فيما أحسب إلى ذلك المقبض. فما الذي يضايقك إذن؟ الباكستاني الذي هو باكستاني، يتريّق بصل وخبز، ويكدّ منذ الصباح حتى الصباح القابل، خرج بطبيعية ولم يفعل ما فعله هذا الصبي الفتقة. ظلت عيناه ترقبان الرجل حتى توارى عنهما جانبا. سألتني عن سهيل، سهيل بخير حال، ربّيته على مصافحة العرب جيدا، وأدرّبه على هزّ أيدي الرجال ثلاث مرات يوميا، ويبدو أنني سأعلمه على الحذر من الطغيان. طغيان! أي طغيان أبا سهيل؟ أنت تعرف يا خميس أن الطغيان هو مجاوزة الحدّ في أي شيء: المأكل، الملبس، المجاوزة إلى أراض أخرى. آه صحيح، لكن سهيل صغير على مثل هذه المفاهيم. بل هو كبير، لكني طبعا سأراعي سنه الصغيرة؛ سأقول له مثلا: يا سهيل، إن كنت بحاجة إلى نصف كوب ماء فإن شربك الكوب كاملا يعد من الطغيان الذي نهى عنه الشرع الحكيم، وبالمِثل إذا كنت بحاجة إلى أن تفتح نصف الباب لكي تخرج فإن من الطغيان أن تفتح الباب كاملا. فتح الباب كاملا لكي يخرج! تصور! يبدو أن هذا الفتقة أحد أمرين: إما أنه معتوه، وإما أنه مخبول.. أما أنْ يكون سليما معافى ويفتح الباب كاملا، فهذا مما لا يمكن أن يكون. لا حول ولا قوة إلا بالله.

يسلم الرجل على شيخ القبيلة الذي التقاه في فناء المسجد. يستغربان من معرفة الشيخ بهذا الفتى كما اتضح من سلامه به. يذهب الرجل. يلهثان خلف الشيخ. من هذا الفتى يا شيخ؟ هذا خالد ابن حياة أحمد عبدالله. أحمد السفير؟ هو هو. ونعم بالوالد والولد. ينصرف الشيخ. يبدو أن حياة الرجل في الخارج من دولة لأخرى قد أورثته الاتزان في نفسه. نعم، إنه هادئ ولم يفعل خطأ. عموما، فتح الأبواب كاملة يجنّبنا الاصطدام بقادمٍ لم ننتبه له. إن هذا الفعل ليدل مما لا شك فيه على ذهنية متّقدة تستشرف المستقبل جيدا قبل الولوج فيه. كيف لنا أن لم ننتبه لذلك! لا عليك، الدنيا تعلّم من لا يتعلم، أنا سأذهب إلى مكتب مقاولاتي. وأنا أيضا سأذهب إلى دكاني.