وريقاتي

Powered By Blogger

28 يونيو 2016

مفارقات الغرب في مسامير: قربان



تبدأ الحلقة بمشهد ذلك "الخواجة"، الذي سيتضح أنه أمريكي لاحقا، وهو يتسكّع في إحدى المدن العربية التي أصابها القصف الشديد. صوّر هذا "الخواجة" تصوير الطفل المدلل، غير المكترث بكل ما يحصل حوله لدرجة أنه يترنّم مبتهجا وتعلوه الابتسامة، بيدين ناعمتين، وعينين خضراوين تتطلعان إلى الأعلى دائما.
ثم تحدث العقدة التي توجّه بقية أحداث الحلقة، وهي عقدة تتّسم بالمفارقة بين صغر الحدث وسخافته وعظم رد الفعل على المستويات الشعبية والرسمية. على الرغم من عدم تعرض هذا "الخواجة" إلى أي مضايقة بشرية من أي نوع، نجده يُشاك بشوكةٍ صغيرة، يتعامل معها كالطفل إذ يبدأ بالبكاء والعويل. وفي اللحظة الموالية ينتقل المشهد إلى ما أظنه وزير الدفاع الأمريكي الذي ينام وسلاحه النووي مُضاجِعه. يأتيه الخبر في منتصف الليل، ورغم ذلك يؤكد أنه "سيكون هناك خلال دقائق". ليقدم وزير الدفاع مؤتمرا صحفيا، فيما يبدو إنه يعجّ بالصحفيين الذين ملأوا القاعة بدليل أضواء الفلاش التي لم تتوقف.
أكّد الوزير على اطمئنان الرئيس الأمريكي نفسه على قدم المواطن الأمريكي التي أصابته شوكة في الوطن العربي. كنايةً عن الاهتمام بالمواطن أينما كان، ومهما صغر الحدث الذي يتعرض له.
يتحدث الرئيس الأمريكي مع قدم المواطن مُحمِّلًا العربَ وِزرَ الحادثة بأنّ العرب يضعون الشوك في كل مكان على الرغم من "أننا نأتيهم بالورود"، واعدًا إياه بالانتقام من تلك الشوكة. وقد أوعز الأمر إلى "الأصدقاء" في إسرائيل للقيام "بالمهمة المقدسة". وهنا سخرية/مفارقة أخرى من قضيتين: الأولى في كون الأمريكان أتوا بالورود للعرب، والأخرى في وصف العملية الانتقامية بالمقدسة مع الإيعاز بها لإسرائيل، إسرائيل التي تدّعي -في شرطها الوجودي- القداسة.
تتحول هذه الحادثة إلى قضية رأي عام في أمريكا؛ إذ يتجمهر المواطنون اليمينيون المتطرفون فيما يبدو للتنديد بالعرب والمسلمين، ويتم عمل نموذج ذهبي لتلك القدم بالشوكة، فيما يتابع ذلك وزير الدفاع في بيته مع سلاحه النووي وأطفاله الصغار منه. ليظهر فيما يبدو أنه دونالد ترامب منددا بعنجهيته المعهودة ويتوعد. 

ينتقل المشهد إلى مبنى جامعة الدول العربية. تم تصوير المشهد بالبرود الذي يبعث على النوم، وقد نام أحد "المنسقين" فعلا. كما أن البيئة بدائيةٌ لدرجة انتشار الذباب داخل المبنى. شخصيات المنسقين العرب غير سوية؛ حيث سرق أحدهم ناقل الصوت الذي أمامه ووضعه في جيبه، في إشارة ساخرة على أن السرقات التي ينفذها المسؤولون العرب هي مكشوفةٌ في الحقيقة للجميع كما أنها موثقة بالكاميرات.
الأنف الكبير في الصورة لإحدى المنسقين تشير إلى الكذب، كما تنقل إلينا ذلك عدد من القصص العالمية. لقد كبر أنف هذا المنسق العربي لدرجة أنه سقط قي كوب القهوة أمامه.
 أتى القرار الذي اتفق عليه المنسقون العرب في قضية الشوكة متمثلا في "إنشاء مغلسة للموتى العرب". وهنا مفارقتان: الأولى في الاعتباطية بين القضية والقرار؛ إذ لا علاقة بين هذا وذاك. والأخرى في الاهتمام بالمواطن العربي بعد موته بينما المواطن الأمريكي يتم الاهتمام به في حياته. 
ينتقل المشهد إلى مغسلة الموتى التي أنشأتها الجامعة العربية. مغسلة مهترئة، يعمل فيها اثنان فقط، وينتشر فيها الدم بعشوائية، المكان غير نظيف بالمرة. يتم الانتهاء من أحد الموتى ليأتي اثنان ممسكين بأعناق بعضهما البعض، يتساءل الزميلان عن قصتهما ليفترض أحدهما أنها قضيا في "خلاف مذهبي". إنه تصوير بالغٌ في السخرية مبلغًا عظيمًا. وفيما يتابع الزميلان الأخبار، يستبشران بعدد كبير من القتلى يتزايد في كل ثانية، لدرجة أن المذيع يتردد مع كل تحديث لعدد الموتى. بينما رد الفعل الدولي متكفٍ بإعراب بان كي-مون عن قلقه إزاء ما يحدث في المنطقة. 
يتساءل الزميلان، بعد زمن طويل، وبعد أن امتلأت الصحراء العربية من الموتى العرب، يتساءلان عن عدم وصول شاحنة الجثث لهذا اليوم، ويذهبان للتلفاز ليجدوا القنوات العربية ليس فيها أحد. ويستغل أحد الزميلين الموقف ليمرر سخرية صغيرة عن الإعلام الغربي المتّصف بالمصداقية أكثر من الإعلام العربي.
"لقد باد العرب كلهم" إلا هذين الزميلين في مقبرة العرب الكبرى. بقي قبرٌ واحد، وهما اثنان، يقترح أحدهما أنه سيقتل الآخر ويعده بأنه سيقتل نفسه بعده مباشرة، لكنه لا يثق به. لتأتي تلك الشجيرة التي شاكت قدم الأمريكي وتحل الموضوع؛ إذ رمتها الريح في ذلك القبر وانهالت النيران الأمريكية على الجميع وانتهت الحلقة بقنبلة نووية أمريكية قضت على الوجود العربي بذريعة سخيفة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق